وكان نجيب شخصية معقدة، ولكنها فى غاية الغنى والعمق، منطلقة و مرحة إلى أقصى حد. كان لا يكف عن إلقاء النكات والقفشات الفورية، بنت الساعة. وحتى فى ذروة الجد و احتدام النقاش تفلت رغما عنه، فينفجر الحاضرون بالضحك، وينفرط عقد التزمت والجدية."
شخصية نجيب سرور، كمـا رصدهـا الدكتور أبو بكر يوسف خلال السنوات الخمس من صداقتهمـا اليومية في موسكو وبعدهـا من خلال الاتصالات المستمرة معه وهو في هنغاريا ثم في مصر، مثيرة رغم جانب البساطة الكبير فيها.. فنجيب، الإنسان صاحب العقل الراجح والقلب الكبير والأحاسيس الصادقة تجاه الناس والوطن، يتعرض إلى المتاعب العديدة لأسباب تتعلق بمنهجه في الحياة وكتاباته ومداخلاته مما ينتزعه أحيانـا ً من حالة الوداعة والظرافة المعتادة إلى حالة الاضطراب والغضب والسرعة في اتخاذ القرار.. أغلب الظن أن ذلك مردُّه حالة الإحبـاط الناجمة عن اكتشافه المفاجيء للكثير من الحقائق السلبية عكسا ً لتوقعاته وثقتـه.. لذلك وجدنـا نجيب سرور، الملاحـَق والمتـَّهم من قبل أجهزة الأمن في مصر بسبب أشعاره ومقالاته وخطبه، إضافة إلى منحته الدراسية الملغاة وجواز سفره المسحوب وعشرات التقارير الأمنية ضده، يسـارع إلى مغادرة موسكو بطريقة غاضبة بسبب ملابسات كان من الممكن حلـُّهـا، إلى بودابست التي لم يطق البقاء فيها أكثر من سنة بسبب مـا واجهه من تعامل سيء من قبل من وصفهم بذوي الفكر الصهيوني المتغلغل في صفوف وهيئات الحزب الشيوعي الهنغاري، وقد عبر عن موقفه من ذاك الواقع المخزي بقصيدته الشهيرة (المسيح واللصوص)، فقفل راجعـا ً إلى القاهرة عـام 1964 ليبـدأ مرحلة أخرى من حيـاته مختلفة شكـلا ً وممـاثلة جوهرا